إن الانفجار المأساوي الخطير الذي حدث في الإسكندرية ليلة عيد الميلاد لا يمكن حصر أهدافه في قتل وجرح العشرات من الأقباط المصريين بل إن الأمر يذهب إلى ماهو ابعد حيث السعي لضرب الأمن القومي المصري ، إلحاق الضرر بكل المصريين أقباط ومسلمين ، دفع الأمور نحو تفجير الأوضاع الداخلية وإشعال حرب طائفية بين قطبي المواطنة المصرية وتدمير نموذج التعايش الطائفي السلمي الناجح بين الأقباط والمسلمين .. هذا النموذج من التعايش الهادئ ، الناجح تعود جذوره إلى الوراء وبالتحديد منذ الفتح الإسلامي لمصر على يد الصحابي الجليل عمرو بن العاص والى اليوم .... انفجار الإسكندرية الآثم استهدف كل أبناء مصر دون تمييز كما استهدف دورها الإقليمي والقومي الفاعل وبالتحديد في هذا الوقت الذي تستعد فيه مصر لمواجهة تلك المخططات التي تستهدف عمقها الاستراتيجي وأمنها القومي المتمثل في حماية منابع نهر النيل حيث الأمور تسير في اتجاه تقسيم السودان عبر ما يسمى بحدث الاستفتاء الذي سيجري على مسافة أيام قليلة من الآن في جنوب السودان وهو الامرالذي سيفضي إلى ولادة دولة جديدة هي بالتحديد ستكون طبقا للمواصفات الغربية والإسرائيلية وستقام بالقرب من منابع مياه النيل الذي هو هبة مصر وحياتها بلا جدال ؟!
لا نريد الاسترسال في ابرازالاهداف البعيدة من وراء تفجير الأوضاع في مصر في إطار هذه المرحلة ونكتفي هنا الإشارة إلى تصريحات أطلقها بابا الفاتيكان في تعقيبه على انفجار الإسكندرية حيث طالب بخبث ودهاء العالم لتوفير الحماية الدولية للمسيحيين في الشرق الأوسط ؟!.... إنها دعوة واضحة للتدخل في شؤون مصر الداخلية والعبث بأمنها القومي وإعادة تشكيل السياسة الخارجية المصرية من جديد لتتلاءم وتنسجم والأجندة الإسرائيلية والغربية .
إن الدعوة لتوفير الحماية الدولية لمسيحيي مصر هي إعلان صريح لتأجيج الأوضاع في مصر وتدمير استقرارها السياسي .... إنها تشبه ما أصبح يعرف اليوم بالمحاكم الدولية التي تحشر الأنف في الأوضاع الداخلية للبلدان العربية وغيرها ولم نسمع أبدا أن هذه المحاكم طالبت بمحاكمة قادة إسرائيل الذين ارتكبوا ولا يزالون مئات المجازر بحق الشعب الفلسطيني والذين مارسوا ولا يزالون النشاط الاستيطاني الذي يشكل أبشع جريمة بحق المشروع الوطني الفلسطيني .
بكلمة أخيرة نقول نثق تماما بان مصر من خلال نخبتها المثقفة الرشيدة ومن خلال تاريخها العميق الذي لا يحتاج إلى برهان قادرة على إحباط المخططات الآثمة وقادرة على ملاحقة واصطياد رأس الأفعى الذي وقف خلف هذا العمل الإجرامي وقادرة على صون أمنها القومي بامتياز .. مصر اكبر من كل مخططات المتآمرين .. سلام على مصر حيث نستذكر في هذا السياق شاعر النيل الذي صاغ قصيدته الخالدة " مصر تتحدث عن نفسها " .. وبناة الأهرام في سالف الدهر كفوني الكلام عند التحدي