{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ{2} الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ{3} أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً} [الأنفال:2-3 ]
نعم فقلوبهم سليمة، إذا ذكروا ذكروا، ترتجف قلوبهم خشية لله، إذا سمعوا نهي انتهوا فلم يسوفوا، وإذا سمعوا أمر نفذوا فلم يتمهلوا، فقلوبهم حية، تستحي من الله، له ساجدة خائفة وجلة لا تخالف أمره أو تسوف وتؤجل، تزيدهم آيات الله إيمانا وخشية، يعلمون أن القرآن كلام الله، فتنتعش قلوبهم لذكر كلام حبيبهم، عليه وحده يتوكلون ويفوضون أمرهم فلا يثقون إلا فيه، يقيمون الصلاة كما أمرهم الله، تطير إلى الصلاة قلوبهم قبل أجسادهم، فهم في شوق إلى لقاء مولاهم وحبيبهم، وصدق شيخ الإسلام حين قال: لا تصح للقلب عبودية ما دام لغير الله فيه بقية، فعلموا أن أي معصية ولو صغيرة تنقص من عبودية القلب لله وتحدث عبودية لغيره من هوى أو دنيا أو نفس أو مال وغير ذلك، والقلب السليم قد سلم لمولاه، وأدركوا أن القلب محل نظر الرب فاستحيوا أن ينظر إلى قلبهم فيجد ما يغضبه، بذلوا أنفسهم رخيصة له، فهم له متبتلون، ولخدمته سابقون، تركت قلوبهم الدنيا وطلقتها وحلقت في الآخرة واخترتها، فهم يعيشون في الجنان يتلذذن بالذكر والقرآن وينتعشون بالصلاة والصيام، أرواحهم تطوف حول عرش الرحمن، ينتظرون يوم لقاء الحنان بفارغ الصبر و السلوان، فما أسعدهم فهم يعيشون في اطمئنان.