حوار بين زوجين:
دخل زوجها على صنم يعبدانه في الجاهلية اسمه "نهم"، وصبَّ له اللبن وتركه، ثم عاد ليجد منظرًا عجيبًا.. كلب يشرب اللبن ثم يبول على الصنم، فأنشد شعرًا معناه أنه بدأ يفكر في ألوهية ذلك الصنم ويعيد تجاهه النظر..
ألا يا نهم إني قد بدا لي مدى شرف يبعد منك قربا
رأيت الكلب سامل حظ خسف فلم يمنع قفاك اليوم كلبا
فسمعته زوجته فخافت غضب إلههم، وأنشدت شعرًا تلومه وتحذِّره فيه من عيب إلههم:
لقد أتيت جرمًا وأصبت عظما حين هجوت نهما
فقص عليها ما حدث، فما كان منها إلا أنها أنشدته شعرًا معناه: فلتبحث لنا عن رب كريم نعبده بدلاً من تلك الحجارة التي لا تستطيع منع الأذى عن نفسها.
ألا فابغنا ربنا كريما جوادًا في الفضائل يا بن وهب
فما من سامه بكلب حقير فلم يمنع أذاه لنا برب
فما عبد الحجارة غير غاو ركيك العقل ليس بذي لب
كيف يتعاملان؟!
ولنقف قليلا أمام تلك اللفظة، ولنتساءل: كيف تعامل هذان الزوجان؟!
1- تفاهم.
2- تحاور.
3- تغافل.
4- رجوع إلى الحق وقبول رأي الآخر، ولم يقف عند لفظها "أتيت جرمًا"، بل فضَّل ألا يضيِّع القضية الأساسية بين المتاهات، ولم يقف معاتبًا، بل فسَّر موقفه على الفور، وقصَّ لها ما حدث، فما كان من زوجته إلا أنها اقتنعت بموقفه.
ولنتخيل ماذا لو بدأ الزوج ينحرف عن القضية الأساسية في حوارها، وبدأ يردُّ لها إهانتها؟! إذًا لضاعت أهم قضية في حياتهما، وربما ظلا كافرين إلى النهاية.
بركة الإسلام
فما كان من الزوج، وكان اسمه أبا ذر الغفاري، إلاَّ أن ذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقصَّ عليه ما حدث، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: "صدقت أم ذر فما عبد الحجارة غير غاو".
أسلم أبو ذر بين يدَي الرسول صلى الله عليه وسلم، ولنتخيل ما هو تأثير تلك الشخصية في الناس من حولها؟!
حين عاد من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أخيه، وأخبره بإسلامه فأسلم، ثم أتى أمه فأخبرها فأسلمت، ثم أتى زوجته فلم تقل له: هل أنا آخر من تدخَّل إليه بعد عودتك من سفرك.. لم تأخذه في متاهات لا معنى لها، بل أقبلت على زوجها الحبيب، وقالت: هنيئًا لك يا أبا ذر.. لقد رأيتَه وكلمتَه.. ثم أسلَمَت.
ثم أتى قومه وهم جالسون عند سيد القوم، فحبَّبهم في الإسلام فأسلم سيد القوم وتبعه الكثير، ولما كانت هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقفت غفار على جانبي الطريق ينتظرون مروره، فحدَّثهم عن الإسلام، ودخل كل أهل غفار في الإسلام.