حبيبي مسافر دائمًا لا يأتي لزيارتي إلا مرة واحدة كل سنة يطول خلالها اشتياقي إليه، وانتظره بحبٍّ ولهفةٍ وإصرارٍ على حسن استقباله والترحيب به.
إنه يأتي كل عام دائمًا ولم يخلف وعده أبدًا إنه ضيفٌ خفيفٌ لا يمكث سوى شهرٍ واحدٍ، وفي كل مرةٍ عند أول وصوله أقول في نفسي ما زال أمامي شهر كامل ثم أجد الشهر قد مضى وأعضُّ أصابعي ندمًا على أني لم أستغل كل وقتِ وجوده.
حبيبي المسافر: لن أنشغل عنك هذا العام بأي شيء- سأمكث كل وقتي معك فزيارتك قصيرة قصيرة لن أنسى يوم أن ودعتك العام الماضي كنت نادمةً حزينةً باكيةً على فراقك، وعلى ما فرطت في أيامك المباركة وعزمت يومها على أن يرى الله مني خيرًا في العام القادم- ولكني كنت خائفةً وجلةً لا أعلم هل سيمتد بي العمر حتى تأتي- وها أنا والحمد لله أستعدُّ لاستقبالك هذا العام.
إنك كريم دائمًا يا حبيبي، تأتيني كل عام بالهدايا القيمة التي أكون في أشدِّ الحاجةِ إليها، ولكن للأسف لا أُحسن استخدامها في وجودك، وبعد سفرك أندم لعدم الانتفاع بهداياك القيمة أثناء وجودك.
حبيبي الذي ما إن يصل حتى يرحل، ويتركني في شوقٍ لزيارته القادمة من كثرةِ خيره وكرمه الذي يعمُّ عليَّ وعلى من حولي في فترة وجوده معي لن أنشغل عنك هذا العام سأقضي كل وقتي معك، لن أنشغل بأي إنسانٍ- حتى زوجي وأولادي- لا بل سأجعل زوجي وأولادي أول مَن يرحب بك ويعرف قيمتك وسيكونون طريقًا لي لحسن استقبالك وتحيتك فهداياك تشملنا جميعًا وتفرحنا جميعًا- بل أيضًا جاراتي وكل معارفي- لن أضيع لحظةً من ليلٍ أو نهارٍ إلا وأحسن استغلالها، ولن أنسى أن وجودك معي أيامًا معدودات ثم تمضي.
سأستعد لحضورك قبل وصولك حتى إذا أتيت وجدتني وزوجي وأبنائي بل وأمي وأبي وأيضًا كل معارفي في انتظارك، وقد تدارسنا وعزمنا على حسن استغلال كل هداياك، وكل دقيقةٍ في وقتِ زيارتك.
سأفوز- بإذن الله- هذا العام بالهدية الكبرى التي تحضرها معك- وهي التقوى- وسأدعو كل مَن حولي إليها، وسأحافظ عليها حتى تجدني العام القادم أكثر تقوًى أو تشفع لي يوم القيامة بالصيام إن لم يمتدَّ بي العمر لألقاكَ يا حبيبي المسافر.