استعمل الإنسان العسل في علاج الأمراض منذ قديم الزمن .
فاستخدمه المصريون القدامى والإغريق والرومان والصينيون والهنود .
ولعل أروع ما جاء في وصفه قوله تعالى :
( وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون . ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس )
النحل 68 – 69
وقد جاء في كتاب " الطب من الكتاب والسنة " لموفق الدين البغدادي
" وقد كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يشرب كل يوم قد عسل ممزوج بالماء على الريق ، وهذه حكمة عجيبة في حفظ الصحة " .
وقال عليه الصلاة والسلام : " عليكم بالشفاءين : العسل والقرآن " .
ومن الاعتقادات الشائعة بين الناس أن مربي النحل يعمرون ويحيون حياة صحية مديدة أكثر من غيرهم .
ويذكر المؤرخون أن " فيثاغورث " صاحب نظرية فيثاغورث الشهيرة ، قد عاش أكثر من تسعين عاما ، وكان طعامه يتألف من " الخبز والعسل " . وأن أبولونيوس عاش أكثر من مئة عام ، وكان غذاؤه الخبز والعسل .ولا عجب إذا عرفنا أن أبا الطب " أبو قراط " الذي عمر أكثر من 108 سنوات كان يأكل العسل يوميا . وكان العسل الطبيعي من الأشياء المحببة للشاعر الإغريقي " أناكريون " الذي عاش أكثر من 115 عاما .
وفي حفل عشاء للاحتفال بعيد الميلاد المئوي ليوليوس روميليوس ، سأله يوليوس قيصر عن سبب قوة صحته العقلية والجسمية حتى تلك السن المتأخرة ، فأجاب " العسل من الداخل والزيت من الخارج " .
ومن الصعب جدا إثبات القول الشائع : " إن العسل يطيل العمر "
فيقول الدكتور كروفت في كتابه Honey & Health
" لو أردنا أن نقوم بتجارب على البشر لنجيب على هذا السؤال لاحتاج الأمر إلى أجيال عديدة ، حتى نتأكد من صحة البحث علميا ، وهذا أمر مستحيل " .
ولكن .. كانت هناك دراسات علمية عديدة أجريت على العسل خلال السنوات القليلة الماضية ، فكانت هناك دراسة في المجلة الطبية البريطانية " B.M.J " أدى فيه إعطاء العسل للأطفال المصابين بالإسهالات إلى سرعة شفاء هؤلاء الأطفال. وكانت هناك دراسة في مجلة الجراحة البريطانية عام 1988 م حول استعمال العسل في الجروح والقروح الملتهبة التي لم تستجب للمضادات الحيوية ، فكان له العسل شفاء خالصا .
كما نشرت المجلة الأسترالية الطبية ( Aust - N - Z - J - Obstet – Gynecol ) في شهر نوفبمبر 1992دراسة قام فيها باحثون أستراليون ، استعملوا فيها العسل في علاج 15 مريضة ، تفتحت الجروح عندهن بعد إجراء العملية القيصرية . ويقول هؤلاء الباحثون : " إن وضع العسل على الجروح المتفتحة كان فعالا وغير مكلف ، كما ألغى الحاجة إلى إعادة خياطة هذه الجروح وتعريض المريض لعملية جراحية أخرى " .
ونشرت مجلة Surgery عام 1993 دراسة قام بها الدكتور Efen عالج فيها عشرين مريضا مصابا بنوع من الغرغرينا تسمى " Fournier's Gangrene " بالعسل موضعيا على الغرغرينا إضافة إلى استعمال المضادات الحيوية عن طريق الفم .
وعولجت مجموعة مماثلة بالطرق التقليدية . فوجد الباحثون أن وضع العسل على الغرغرينا قد أعطى تفوقا واضحا على العلاج التقليدي ، وكانت استجابة المرضى أكثر عند من وضع عليه العسل .
كما نشرت مجلة اللانست البريطانية الشهيرة عام 1993 مقالا ذكرت فيه فوائد العسل في علاج الجروح والقروح ، وفي الحفاظ على قطع الجلد المزروعة عند المرضى .
وظهر حديثا عام 1992 في مجلة Infection الأمريكية الشهيرة بحث حول تأثير العسل على الجراثيم المسببة للالتهابات في جروح العمليات . وتبين أن العسل الطبيعي غير المصنع قد استطاع في أطباق المختبر ، تثبيط نمو معظم الجراثيم والفطور المسبب لالتهابات تلك الجروح ، باستثناء جرثوم يدى العصيات الزرق Pseudomona s وآخر يدعى Clostridiu m . وقورن في التجربة نفسها تأثير العسل بتأثير محلول سكري مركز ، له نفس الخواص الفيزيائية للعسل ، فتبين أن المحلول السكري لم يستطع تثبيط أي من الجراثيم أو الفطور .
واستنتج الباحثون أن العسل يعتبر علاجا مثاليا في تضميد الجروح المتقيحة بعد العمليات الجراحية